سعود القصيبي
على الدوام أحدثكم بمواضع تاريخية ولعل البعض يمل من دراسة مادة التاريخ، إلا أنها هي ما نحن عليه اليوم فنحن جمع لكل ما كان وأتى، فهي دراسة أنفسنا وحاضرنا قبل أن تكون دراسة ما كان، وقلعة تاروت بالقطيف من أقدمها تاريخا وتسطر بحجرها ورملها ملاحم وأحداث موغلة بالقدم، وتخيل معي لوهلة زائر لها يتحدث بلغة بادت ويلبس ملابس نعتقدها اليوم من ملابس المنزل كالإزار أو من الملابس التنكرية، كما لهذا الزائر لحية غريبة مقصوصة مربعة، وعمة ليست كعمم اليوم إلا أنها زخرفت كما في الشماغ، هذا الغريب عنا ارتدى سلاحا لا يشابه الأسلحة اليدوية من خنجر وسيف المعروفان اليوم إنما بنمط غريب، وللتوضيح هو ليس كائنا فضائي قدم من السماء، إنما أحد أوصاف سكان الخليج العربي ومنذ آلاف السنين. وليس هو ذاك الزائر من مناطق بعيدة فنحن هو وهو نحن. تطورنا مع الوقت وتطورت معها لغتنا وثقافتنا وشكلتنا الأحداث بأمواجها كما في البحر، ورغم ذاك بقينا وبقيت قلعة تاروت لتروي لنا التاريخ الأول لنشأة الحضارة بالمنطقة.
وقلعة تاروت هي واحدة من القلاع التاريخية البارزة في المنطقة الشرقية التي تروي قصة التاريخ بالمنطقة ويعود تاريخها إلى عدة حقب تاريخية مختلفة، فالأدلة الأثرية تشير إلى أن تاروت كانت مأهولة بالسكان منذ حوالي 5000 سنة، وقد كانت أحد مركزًا للحضارة الدلمونية التي ازدهرت في الخليج العربي، القلعة نفسها بُنيت على أنقاض مستوطنة قديمة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، وتحديداً منذ حوالي 5000 سنة مضت.
في العصور الإسلامية، طورت القلعة وتوسعت إلى أن أعيد بنائها وتحصينها على يد البرتغاليين الذين كانوا يسعون لتعزيز سيطرتهم على التجارة البحرية في الخليج العربي وكنقطة دفاعية ومراقبة لحماية مصالحهم التجارية، بعد طرد البرتغاليين، سقطت القلعة تحت سيطرة عثمانية، استمرت حتى القرن التاسع عشر، خلال هذه الفترة، خضعت القلعة للعديد من التحسينات والإصلاحات أو من الإهمال في بعض الفترات إلى أن بدأت القلعة تفقد أهميتها العسكرية تدريجياً بدخول القرن العشرين إلى أن تحولت إلى معلم تاريخي.
ومما ذكر عن القلعة أنها تقع وسط تاروت، عند الطرف الشمالي الغربي من حي الديرة، حيث تحتل قمة تل أثري مرتفع بشكل بارز ولافت للأنظار. وتتكوَّن القلعة من بناء شبه بيضاوي غير منتظم الشكل، ولها سور خارجي دُعِّم بأبراج مخروطية، وقد ذكرت قلعة تاروت في القرن السابع الهجري في كتاب تحرير وصاف عند الحديث عن الإمارة العصفورية واحتلالها لتاروت وقلعتها، كما ورد ذكرها في الاتفاقية المبرمة بين الحاكم العيوني وحاكم جزيرة كيش عام 606هـ بأن يتنازل الأول للثاني عن مقسم القصر في جزيرة وبعض البساتين في الجزيرة.
القلعة كما نشاهدها اليوم هي من تشييد برتغالي وأعمال إصلاحات أقيمت على أنقاض أساسات مبان قديمة تعود إلى الألف الثالث ق. م. إلا أنها تمثل رابع مرحلة استيطان بشري بها بدء من حضارة تل العبيد التي تعود الى «4300-4000 ق.م». ومن دلائل قدم موقع قلعة تاروت والتبادل والتواصل البشري والتجاري مع الحضارات المجاورة، المكتشفات الأثرية بالقلعة، تمثالاً من الحجر الجيري يحمل سمات تماثيل الحضارة السومرية، وأوان وفخاريات مشابهة لموقع جمدت نصر الأثري بالعراق. إضافة إلى تشكيلة من فخاريات دلمون وباربارا بالبحرين.
حاليا قلعة تاروت مغلقة للزوار وتابعة لهيئة التراث، ونتمنى أن يطور الموقع ذات يوم ليؤهل سياحيا كأحد أهم الشواهد الحضارية بالمملكة على مر العصور ومنذ الحضارة الأولى.
@SaudAlgosaibi
وقلعة تاروت هي واحدة من القلاع التاريخية البارزة في المنطقة الشرقية التي تروي قصة التاريخ بالمنطقة ويعود تاريخها إلى عدة حقب تاريخية مختلفة، فالأدلة الأثرية تشير إلى أن تاروت كانت مأهولة بالسكان منذ حوالي 5000 سنة، وقد كانت أحد مركزًا للحضارة الدلمونية التي ازدهرت في الخليج العربي، القلعة نفسها بُنيت على أنقاض مستوطنة قديمة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، وتحديداً منذ حوالي 5000 سنة مضت.
في العصور الإسلامية، طورت القلعة وتوسعت إلى أن أعيد بنائها وتحصينها على يد البرتغاليين الذين كانوا يسعون لتعزيز سيطرتهم على التجارة البحرية في الخليج العربي وكنقطة دفاعية ومراقبة لحماية مصالحهم التجارية، بعد طرد البرتغاليين، سقطت القلعة تحت سيطرة عثمانية، استمرت حتى القرن التاسع عشر، خلال هذه الفترة، خضعت القلعة للعديد من التحسينات والإصلاحات أو من الإهمال في بعض الفترات إلى أن بدأت القلعة تفقد أهميتها العسكرية تدريجياً بدخول القرن العشرين إلى أن تحولت إلى معلم تاريخي.
ومما ذكر عن القلعة أنها تقع وسط تاروت، عند الطرف الشمالي الغربي من حي الديرة، حيث تحتل قمة تل أثري مرتفع بشكل بارز ولافت للأنظار. وتتكوَّن القلعة من بناء شبه بيضاوي غير منتظم الشكل، ولها سور خارجي دُعِّم بأبراج مخروطية، وقد ذكرت قلعة تاروت في القرن السابع الهجري في كتاب تحرير وصاف عند الحديث عن الإمارة العصفورية واحتلالها لتاروت وقلعتها، كما ورد ذكرها في الاتفاقية المبرمة بين الحاكم العيوني وحاكم جزيرة كيش عام 606هـ بأن يتنازل الأول للثاني عن مقسم القصر في جزيرة وبعض البساتين في الجزيرة.
القلعة كما نشاهدها اليوم هي من تشييد برتغالي وأعمال إصلاحات أقيمت على أنقاض أساسات مبان قديمة تعود إلى الألف الثالث ق. م. إلا أنها تمثل رابع مرحلة استيطان بشري بها بدء من حضارة تل العبيد التي تعود الى «4300-4000 ق.م». ومن دلائل قدم موقع قلعة تاروت والتبادل والتواصل البشري والتجاري مع الحضارات المجاورة، المكتشفات الأثرية بالقلعة، تمثالاً من الحجر الجيري يحمل سمات تماثيل الحضارة السومرية، وأوان وفخاريات مشابهة لموقع جمدت نصر الأثري بالعراق. إضافة إلى تشكيلة من فخاريات دلمون وباربارا بالبحرين.
حاليا قلعة تاروت مغلقة للزوار وتابعة لهيئة التراث، ونتمنى أن يطور الموقع ذات يوم ليؤهل سياحيا كأحد أهم الشواهد الحضارية بالمملكة على مر العصور ومنذ الحضارة الأولى.
@SaudAlgosaibi