تخيلية لمشروع أمالا في البحر الأحمر. (المركز الإعلامي لشركة البحر الأحمر الدولية)
سياحة الصحة والاستشفاء في السعودية
هي السفر إلى مدن المملكة العربية السعودية بغرض الحصول على خدمات طبية أو استشفائية، ولا يقتصر هذا السفر على المواطنين أو المقيمين في المملكة، بل يشمل القادمين أيضًا من دول أخرى، وتمثل سياحة الصحة والاستشفاء أحد أنماط السياحة الوطنية الواردة في استراتيجية التنمية السياحية الوطنية التي اعتمدها مجلس الوزراء السعودي عام 2019م.
عُرف مصطلح سياحة الصحة والاستشفاء نظاميًّا عام 2014م، بوصفه واحدًا من خمسة أنشطة سياحية جاءت ضمن نظام السياحة، وهي: السياحة البحرية، والسياحة الزراعية، وسياحة الأعمال، والسياحة البرية، وصدرت الموافقة على النظام ضمن مرسومٍ ملكي، في 27 صفر 1436هـ/19 ديسمبر 2014م، لتوضيح معايير نظام السياحة في السعودية، وتنظيم العلاقة فيما بين المرافق السياحية والخدمات المتعلقة بالنشاط السياحي بوجه عام.
أنواع سياحة الصحة والاستشفاء في السعودية
تنقسم سياحة الصحة والاستشفاء في السعودية إلى قسمين: سياحة الصحة (العلاج) وهي: السفر من داخل أو خارج المملكة لتلقي عناية طبية في منشآت متخصصة، مع برامج سياحية مصاحبة ضمن إحدى مدن المملكة. والقسم الثاني سياحة الاستشفاء: وهي سفر الأصحاء من داخل أو خارج المملكة إلى إحدى مدن المملكة، بهدف المحافظة على صحتهم البدنية والنفسية، من خلال الحصول على خدمات في منشآت متخصصة.
وتُمثّل سياحة الصحة والاستشفاء أهميةً اقتصاديةً للمملكة، لارتباطها بمعدل إنفاق عالٍ للسائح أثناء رحلته، بالإضافة إلى طول مدة الرحلة مقارنةً بالأنماط السياحية الأخرى، كما يغلب عليها مشاركة مرافقين للسائح في رحلته، وارتباط الرحلة في كثير من الأحيان برحلات متابعة متعددة.
مشاريع سعودية كبرى في مجال سياحة الصحة والاستشفاء
يُعدُّ كلٌّ من مشروع البحر الأحمر ومشروع أمالا، الواقعين على ساحل الشمال الغربي للبحر الأحمر، من المشاريع الاقتصادية الضخمة التي تضمنت أهدافها دعمًا لسياحة الصحة والاستشفاء في السعودية، حيث تتضمن معظمها مراكز صحية متخصصة في العلاج الصحي، ويُعدُّ مشروع أمالا أحد المشاريع السعودية التي تهدف إلى خلق مفهوم جديد للسياحة الداخلية والعالمية الفاخرة، المتركزة حول النقاهة والصحة والعلاج.
يُعدُّ مشروع أمالا مثاليًّا للسياحة، إذ تتميز المنطقة على مدار العام بمناخ معتدل، حيث يصل متوسط درجة الحرارة فيها إلى 31 درجة مئوية في فصل الصيف، مع متوسط هطول للأمطار مدة 8 أشهر في السنة، ولأنها ذات طبيعة مناخية آمنة للسيّاح، إذ لا تواجه أي عواصف وأعاصير فصلية بخلاف بعض المناطق السياحية المشابهة لها في دول العالم.
وتوصف أمالا بأنها “ريفيرا الشرق الأوسط”، وتقع ضمن الامتداد الطبيعي لمناخ البحر المتوسط المعتدل، إضافةً إلى اتصافها بالهدوء وتميزها بطبيعتها الجبلية ومناطقها البحرية فائقة النقاء في البحر الأحمر.
يُمثّل مشروع البحر الأحمر وجهةً ساحليةً رائدة تتربع على مجموعة من الجزر البكر في البحر الأحمر، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للمشروع، نحو 28 ألف كلم2، وعند اكتماله سيسهم في تعزيز حضور السعودية على الساحة السياحية العالمية، عبر إحداث نقلة نوعية في مفهوم السياحة والضيافة، ومضاعفة المكاسب الاقتصادية للمملكة، من خلال جلب أهم الشركات السياحية الرائدة عالميًّا، وجلب استثمارات مباشرة وجديدة إليها، مما سيعيد توجيه المصروفات السياحية السعودية من الخارج إلى الداخل.
تنطلق أهمية سياحة الصحة والاستشفاء في السعودية من عدة أسباب، أهمها: الرغبة في الحصول على العلاج الطبيعي بعيدًا عن الأدوية الصناعية في المستشفيات، والرغبة في تجديد المتنفس وتجديد النشاط والحيوية، إضافة إلى توفر العناصر السياحية الجاذبة في المكان نفسه، مثل الفنادق، والمطاعم، ومرافق العلاج الطبيعي والمساج، إلى جانب ارتفاع معدل الإقامة في الأماكن السياحية إلى 14 ليلة مقارنة بنحو 5 أيام في المستشفيات، وعلى المستوى الاقتصادي الكلي يُنظر للسياحة عالميًّا على أنها محرك النمو الاقتصادي ودورها في زيادة الدخل القومي وخلق فرص العمل الإضافية.
جهود السعودية في تطوير سياحة الصحة والاستشفاء
استطاعت السعودية في سياق تطوير سياحة الصحة والاستشفاء أن تخلق نمطًا سياحيًّا جديدًا مناسبًا لحاجات ورغبات الأفراد والشرائح المستهدفة، عبر شمولية الخدمة المقدمة في المنتجعات والمرافق السياحية الاستشفائية، كما نُظمت الأنماط السياحية في السعودية بحيث يمكن ربطها بسياحة الاستشفاء والصحة، من خلال استغلال المناخ الصحي والمناسب لمثل هذا النمط من السياحة في بعض مناطق المملكة، والاستفادة من التنوع الجغرافي لمناطق المملكة وتوفر الموارد الطبيعية مثل الجبال والبحار، وتقدّمت المملكة تقنيًّا في العلاج الطبي، بوجود مستشفيات ذات تجهيز تقني عالٍ، وكفاءات طبية محلية وأجنبية على مستوى مهني عالٍ، ضمن تخصصات طبية متنوعة.
كما أسهم وجود المستشفيات المتخصصة في السعودية ذات الشهرة الإقليمية في معالجتها لعدد من الأمراض المزمنة، في رفع مستوى جذب سياحة الاستشفاء، إضافةً إلى توفير الدواء بتكلفة مقبولة مقارنةً بدول أخرى، واستخدام اللغة العربية والإنجليزية على نطاق واسع في المستشفيات السعودية.
وبدأت السعودية في الربع الأخير من عام 2019م، باستقبال الزوار والسيّاح من خارج المملكة بتأشيرة دخول سارية لعام كامل، تُتيح لهم الإقامة داخل المملكة لمدة أقصاها 90 يومًا متواصلة.
في سياق الاستثمار العلاجي، نظّمت العديد من الجهات الحكومية مهرجاناتٍ متنوعة لزيادة الوعي بمفهوم سياحة الصحة والاستشفاء، حيث أُقيم المهرجان الطبي الأول للسياحة العلاجية أو سياحة الصحة والاستشفاء بمنطقة عسير، لزيادة الوعي حول العناية الطبية، ورفع الثقافة الطبية العلاجية في مجال سياحة الصحة والاستشفاء.
ونظّمت الهيئة العامة للسياحة والآثار (وزارة السياحة حاليًّا)، وقطاع تنظيم الرحلات السياحية عام 2010م، ورش عمل واجتماعات مع عدد من المنشآت الطبية في مدينتي جدة والرياض، لبحث تطوير سياحة الصحة والاستشفاء في السعودية، من خلال تهيئة المنشآت الطبية مع شركاء التنظيم المتمثلين في وزارة الصحة، واللجنة الوطنية الصحية بمجلس الغرف السعودية، وقائمة منظمي الرحلات والمرشدين السياحيين، لتطوير برامج وعروض للمواطنين والمقيمين.
ويشمل الحراك التنظيمي لدعم سياحة الصحة والاستشفاء في السعودية، توفير برامج وعروض ميسّرة للرحلات السياحية للمواطنين والمقيمين للعلاج في المستشفيات الخاصة، إضافةً إلى تطبيق معايير ومواصفات الصحة والاستشفاء في المستشفيات والفنادق والمنتجعات الخاصة بالصحة على المنتجات والخدمات التي تشملها تلك البرامج والعروض السياحية.
وفي السياق نفسه، أسهمت غرفة الشرقية عام 2010م، في تنظيم العديد من ورش العمل بعنوان: دور المنشآت الطبية ومنظمي الرحلات السياحية في تطوير منتجات سياحة الصحة والاستشفاء، وذلك بمقر غرفة الشرقية، في خطوة لتفعيل سياحة الصحة والاستشفاء أو السياحة العلاجية، وابتكار حلول للصعوبات القانونية والإجرائية التي تواجهها بوصفها نمطًا سياحيًّا حديثًا، من خلال تطوير الخدمات الصحية، والترويج للخدمات المتميزة التي تقدمها المراكز الصحية السعودية.